المحاسبة الدولية أو التحدي الكبير؟
في واحد من أقوى الردود على التحركات التي تجري من أجل محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين، كتب الصديق عزمي بشارة أفكارا حول الجرائم والمحاكمة تعد من كلاسيكيات نقد القانون الجنائي الدولي.
وكم كنت أتمنى، عوضا عن أن يكتفي بالتوقف عند هذا الجانب، أن يتابع معنا الديناميكية الفكرية والقضائية التي بدأها العدوان على لبنان، وحال دون استكمالها رفض رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة آنذاك قبول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية (وهو ما طلبته قاضية أساسية في المحكمة قبل عامين لتشكيل غرفة ابتدائية من ثلاثة قضاة إذا لم يبادر المدعي العام بالتحرك من تلقاء نفسه).
وكان لقرار السلطات الفلسطينية (وزير العدل في الحكومة المقالة في غزة ووزير العدل في حكومة تصريف الأعمال في رام الله ورئيس المجلس التشريعي بالوكالة والفصائل الفلسطينية الأساسية).. كان لكل هؤلاء الفضل في تعزيز قوة أكثر من 450 منظمة ونقابة غير حكومية تمثل أكثر من ستة ملايين عضو، من أجل جعل محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين، ليس فقط فكرة مقبولة في الوعي العام الغربي، بل شرطا واجب الوجود لخروج العدالة الدولية من شبه أمجادها الغربية المخجلة (نورنبرغ، كمحكمة عسكرية استثنائية فبركها الغالبون)، إلى ضرورة إنقاذ هذا المصطلح عبر مبدأ "عدالة واحدة للجميع".
وهذا المبدأ سيبقى دون شك يستأنس بجمال الحلم أكثر من آنية التحقق، بسبب كل ما يذكره عزمي بشارة وغيره من معيقات وقيود ونقاط ضعف، لكن يجب التذكير في هذا الصدد بأننا عندما ناضلنا من أجل محكمة خاصة في رواندا، كنا لا نتجاوز أصابع اليد الواحدة.
لا بل أذكر أن مندوب فرنسا في لجنة حقوق الإنسان توجه نحوي بعدما تحدثت عن محاسبة لا تستبعد فرنسا والفاتيكان ليقول "منذ متى يحاكم لاجئ سياسي في فرنسا جمهورية حقوق الإنسان؟" بلد "حقوق الإنسان" هذا الذي لم يتمكن حتى اليوم من غسل يديه من الإبادة الجماعية التي حدثت في رواندا، رغم لجنة الاستقصاء البرلمانية التي شكلها شيراك وجوسبان في ذلك الحين.
المزيد :
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/4172EFBF-0CD2-4A2F-9CE0-1BCE0B2514CB.htm
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق