الأربعاء، 4 مارس 2009

سجل قضية

سجل قضية

بقلم : منى سليم

من الموجع بهذا السجل و المنطقي أيضاً أن السطر الأول به بدأه السارق و نكتب ما يتبقى من سطور على أمل ان تكون جملة الختام بقلم المسروق و قد تمكن من إعادة حقه .
أنشأت المنظمة الصهيونية العالمية عام 1897 و لم تكن هى الإرهاصة الأولى لإنشاء دولة خاصة باليهود على أرض فلسطين فقبلها كانت أفكار كثيرة متناثرة حول عودة بن صهيون إلى الأرض التاريخية التي نزعوا منها معتقدين أنهم وحدهم من حققوا عليها كيان و حضارة و دونهم كانت كيان مهمش تابع.
و لكن هكذا تتحول الأفكار إلى واقع من خلال الخطط العملية المتراكمة و برز داخل المنظمة اتجاهان عملا بنفس الوقت، الأول يقوده ثيودور هرتزل و يرى الطريق إلى دولتهم يبدأ بالحصول على موافقة الدول الكبرى وبالأخص تركيا بوصفها بلد الخلافة الإسلامية، وعلى رأس الإتجاه الثاني كان ديفيد ين جوريون و حاييم وايزمان و السعي الحميم لشراء الأراضي و إقامة المستعمرات حتى يصبح وطنهم المزعوم حقيقة.
وجاءت الحرب بالنتائج التي تمنوها و عملوا من أجلها، فكان إعلان الانتداب البريطاني في فلسطين و تسهيل دخول مليون يهودي أو أكثر إليها، و أخذت الأحداث تميل في إتجاه واحد تقرأه في إفتتاحية صحيفة مانشستر جارديان 1916 .. " كانت بلاد ما بين النهرين مهد الشعب اليهودي ومكان منفاه، وجاء من مصر موسى مؤسس الدولة اليهودية، وإذا ما انتهت هذه الحرب (العالمية الأولى) بالقضاء على الإمبراطورية التركية في بلاد ما بين النهرين وأدت الحاجة إلى تأمين جبهة دفاعية في مصر إلى تأسيس دولة يهودية في فلسطين فسيكون القدر قد دار دورة كاملة".
ولم يكن العامل الديني السبب الوحيد لإصدار الوعد، فقد كانت هناك مصالح مشتركة ذات بعد استراتيجي، ففي الأساس كانت بريطانيا قلقة من هجرة يهود روسيا واوربا الشرقية الذين كانوا يتعرضون للاضطهاد.. وفي عام 1902 تشكلت اللجنة الملكية لهجرة الغرباء، واستدعي هرتزل إلى لندن للإدلاء بشهادته أمامها حيث قال: "لا شيء يحل المشكلة التي دعيت اللجنة لبحثها وتقديم الرأي بشأنها سوى تحويل تيار الهجرة الذي سيستمر بقوة من أوروبا الشرقية. إن يهود أوروبا الشرقية لا يستطيعون البقاء حيث هم، فأين يذهبون؟ إذا كنت ترون أن بقاءهم هنا – أي في بريطانيا – غير مرغوب فيه، لا بد من إيجاد مكان آخر يهاجرون إليه دون أن تثير هجرتهم المشاكل التي تواجههم هنا. لن تبرز هذه المشاكل إذا وجد وطن لهم يتم الاعتراف، به قانونيا وطنا يهوديا
وهكذا لم تكن المكافأة الكبرى ـ وعد بلفور ـ مفاجأة، و اقرأ معنا النص المشهور حيث من لا يملك اعطى لمن لا يستحق
وزارة الخارجية .
في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني سنة 1917
عزيزي اللورد روتشيلد
يسرني جدا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته: "
"إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى".
وسأكون ممتنا إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيونى علما بهذا التصريح.
المخلص آرثر بلفور
وتوالى إنشاء الأجهزة فكان الصندوق التأسيسي لفلسطين الذي اختص بنشاطات الهجرة والاستيطان، والوكالة اليهودية الموسعة التي ضمت غير الصهيونيين ممن لديهم إستعداد لدعم مشروع إقامة دولة إسرائيل.
لم يكن الجانب الفلسطيني و العربي مغيب عما يدور في خلد الصهانية و من يدعمهم بعالم الكبار، و كانت المحاولة هى شعارهم و إن لم تصادقهم النتائج ..
البداية كانت من دار إفتاء القدس و قد رأسه الشاب المناضل أمين الحسيني.
وكان الشاب على رأس فرق وطنية مختلفة تكونت لمقاومة فرض الإنتدابالبريطاني إلا أنه ظل طوال الوقت بنادي بالنظر للخطر القادم .. سرقة الأرض قبل الشعب .. و قال الرجل كلمته الشهيرة "أهتموا انتم ببريطانيا و اتركوا لي الإهتمام بالصهاينة"
أسس الحسيني" النادي العربي" عام 1915 وهو أول منظمة سياسية عرفتها فلسطين، وانطلقت منها الحركة الوطنية الفلسطينية التي أهتمت بالتحذير من بيع الأراضي لليهود و إصدار فتاوى تحريم صريحة.
و للأسف هناك من زالوا يرددون أن فلسطين ضاعت لأن أهلها باعوها وهو الأمر الذي نتركه للأرقام ثم نعود الحلقات القادمة لإستكمال نضال الشعب العربي في فلسطين و كذلك المخططات الصهيوينة المستمرة حتى اليوم ..
فمن الواضح من خلال الوثائق الرسمية البريطانية المتعلقة بفترة الإنتداب ..

1. فقد بلغت مساحة التي وقعت تحت أيدي اليهود حتى عام 1948م من غير قتال أو حرب، حوالي (2) مليون دونم. أي ما يعادل 8.8%
من مساحة فلسطين التي تبلغ 27 مليون دونم.
2. حصل اليهود على تلك الأرض (2 مليون دونم) بأربع طرق هي:

الطريق الأول
650.000 دونماً (ستمائة وخمسين ألف دونم) حصلوا على جزء منها كأي أقلية تعيش في فلسطين منذ مئات السنين، وتملك أرضاً تعيش عليها، وحصلوا على الجزء الآخر بمساعدة الولاة الأتراك الماسونيين، الذين عيَّنتهم على فلسطين حكومة الاتحاد والترقي، التي كان أكثر من 90% من أعضائها من اليهود. وقد تآمرت جمعية الاتحاد والترقي على السلطان عبد الحميد وأسقطته، لأنه رفض كلَّ عروض اليهود عليه مقابل تمكينهم من أرض فلسطين ومن هذه العروض إعطاؤه مبلغ خمسة ملايين ليرة انجليزية ذهباً لجيبه الخاص، وتسديد جميع ديون الدولة العثمانية البالغة 33 مليون ليرة ذهباً، وبناء أسطول لحماية الامبراطورية بتكاليف قدرها مائة وعشرون مليون فرنك ذهبي، وتقديم قروض بخمسة وثلاثين مليون ليرة ذهبية دون فوائد لإنعاش مالية الدولة العثمانية، وبناء جامعة عثمانية في القدس.
الطريق الثاني
665.000 دونماً (ستمائة وخمسة وستين ألف دونم) حصل عليها اليهود، بمساعدة حكومةِ الانتداب البريطاني المباشرة، وقد قُدمت إلى اليهود على النحو الآتي :
1. أعطي المندوب السامي البريطاني منحة للوكالة اليهودية ثلاثمائة الف دونم.
2. باع المندوب السامي البريطاني الوكالة اليهودية وبأسعار رمزية مائتي ألف دونم.
3. أهدت حكومة الانتداب للوكالة اليهودية أرض السلطان عبد الحميد في منطقتي الحولة وبيسان - امتياز الحولة وبيسان -
ومساحتها 165.000 دونماً (مائة وخمسة وستين ألف دونم).

الطريق الثالث
606.000 دونماً (ستمائة وستة آلاف دونم)، اشتراها اليهود من إقطاعيين لبنانيين وسوريين، وكان هؤلاء الاقطاعيون يملكون هذه الأراضي الفلسطينية عندما كانت سوريا ولبنان والأردن وفلسطين بلداً واحداً تحت الحكم العثماني يُسمى بلاد الشام أو سوريا الكبرى،
وعندما هزمت تركيا واحتل الحلفاء بلاد الشام، قسمت هذه البلاد إلى أربعة دول أو مستعمرات، حيث خضعت سوريا ولبنان للاحتلال الفرنسي، وشرق الأردن للاحتلال البريطاني، وفلسطين للانتداب البريطاني توطئة لجعلها وطناً قومياً لليهود. وهكذا أصبح كثير من الملاك السوريين واللبنانيين يعيشون في بلد وأملاكهم في بلد آخر، فانتهز كثير منهم الفرصة وباعوا أرضهم في فلسطين لليهود الذين دفعوا لهم فيها أسعاراً خيالية، وبنوا بثمنها العمارات الشاهقة في بيروت ودمشق وغيرها. وكانت كمية الأراضي التي بيعت، والعائلات التي باعت كما يلي:
1. باعت عائلة سرسق البيروتية - ميشل سرسق وإخوانه مساحة 400.000 دونماً (أربعمائة ألف دونم) ، في سهل مرج ابن عامر، وهي من أخصب الأراضي الفلسطينية، وكانت تسكنها 2546 أسرة فلسطينية، طُردت من قراها لتحل محلها أسر يهودية أحضرت من أوروبا وغيرها.
2. باعت عائلة سلام البيروتية 165.000 دونماً (مائة وخمسة وستين ألف دونم) لليهود وكانت الحكومة العثمانية قد أعطتهم امتياز استصلاح هذه الأراضي حول بحيرة الحولة لاستصلاحها ثم تمليكها للفلاحين الفلسطينيين بأثمان رمزية، إلا أنهم باعوها لليهود.
3. باعت عائلتا بيهم وسرسق (محمد بيهم وميشيل سرسق) امتياز آخر في أراضي منطقة الحولة، وكان قد أُعطي لهم لاستصلاحه وتمليكه للفلاحين الفلسطينيين، ولكنهم باعوه لليهود.
4. باع أنطون تيان وأخوه ميشيل تيان لليهود أرضاً لهم في وادي الحوارث مساحتها خمسة آلاف وثلاثمائة وخمسين دونماً، واستولى اليهود على جميع أراضي وادي الحوارث البالغة مساحتها 32.000 دونماً (اثنان وثلاثون ألف دونم) ، وطردوا أهله منه بمساعدة الإنجليز، بدعوى أنهم لم يستطيعوا تقديم وئاثق تُثبت ملكيتهم للأراضي التي كانوا يزرعونها منذ مئات السنين.
5. باع آل قباني البيروتيون لليهود مساحة 4000 دونماً (أربعة آلاف دونم) بوادي القباني، واستولى اليهود على أراضي الوادي كله.
6. باع آل صباغ وآل تويني البيروتيون لليهود قرى(الهريج والدار البيضاء والانشراح –نهاريا-).
7. باعت عائلات القوتلي والجزائري وآل مرديني السورية لليهود قسماً كبيراً من أراضي صفد.
8. باع آل يوسف السوريون لليهود قطعة أرض كبيرة لشركة
(The Palestinian Land Development Company)
9. باع كل من خير الدين الأحدب، وصفي قدورة، وجوزيف خديج، وميشال سرجي، ومراد دانا وإلياس الحاج اللبنانيون لليهود مساحة
كبيرة من الأراضي الفلسطينية المجاورة للبنان. الطريق الرابع :بالرغم من جميع الظروف التي وضع فيها الشعب الفلسطيني
والقوانين المجحفة التي سنها المندوب السامي الذي كان يهودياً في الغالب، إلا أنَّ مجموع الأراضي التي بيعت من قبل فلسطينيين خلال
ثلاثين عاماً بلغت ثلاثمائة ألف دونم، وقد اعتبر كل من باع أرضه لليهود خائناً، وتمت تصفية الكثير منهم على أيدي الفلسطينيين.
الطريق الرابع
بالرغم من جميع الظروف التي وضع فيها الشعب الفلسطيني والقوانين المجحفة التي سنها المندوب السامي الذي كان يهودياً في الغالب، إلا أنَّ مجموع الأراضي التي بيعت من قبل فلسطينيين خلال ثلاثين عاماً بلغت ثلاثمائة ألف دونم، وقد اعتبر كل من باع أرضه لليهود خائناً، وتمت تصفية الكثير منهم على أيدي الفلسطينيين.

ليست هناك تعليقات: