يا أهل غزة.. شكرًا
بقلم: عبد الباري عطوان
هبَّة الغضب العارمة التي جسَّدتها مظاهراتٌ شعبيةٌ انطلقت في جميع عواصم العالمين العربي والإسلامي دون استثناء هي تجسيد لتضامن غير مسبوق مع أهالي قطاع غزة في مواجهة العدوان الصهيوني، كما أن مشاركة عشرات الآلاف من المشيِّعين في جنازة الشهيد نزار ريان يوم أمس الأول؛ دون أن يرهبهم القصف الصهيوني هي استفتاء علني على تمسك أبناء فلسطين بشكل عام وأبناء القطاع بشكل خاص بخيار المقاومة.
العدوان الصهيوني دخل يومه السابع، وقد يبدأ الغزو البري في اليوم الثامن أو التاسع أو العاشر، ولكننا لم نرَ حتى الآن إلا صمودًا إعجازيًّا، والتفافًا واضحًا حول المقاومة وفصائلها، ورجالها الذين يستعجلون الشهادة.
النظام الرسمي العربي الذي هرول إلى مجلس الأمن الدولي لتغطية عورات عجزه المصطنع، وتخاذله المؤكد، ما زال يستجدي وقف إطلاق النار وفق الشروط الصهيونية؛ ليس لوقف حمامات الدم وإنقاذ الأطفال والمدنيين، وإنما لإنقاذ ماء وجهه؛ بعد أن اقتربت حال الاحتقان الشعبي في مدنه وقراه وشوارعه من الانفجار الشامل.
السيد أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري "المفوَّه" طالب العرب- وفي لقاء مع فضائية (العربية)- بأن لا يتقدموا بقرار متشدد إلى مجلس الأمن، وأن يختاروا عباراته بعناية فائقة، بعيدًا عن أي إدانة للكيان الصهيوني وعدوانها؛ حتى يأتي القرار متوازنًا ومتساويًا في توجيه اللوم إلى الطرفين؛ أي أنه يساوي بين الجلاد والضحية، بل يؤكد ضرورة توجيه اللوم إلى الضحية وصواريخ المقاومة.
توقعنا مفاجآت كثيرة في زمن الخنوع العربي الذي نعيشه حاليًّا، ولكن لم يخطر في بالنا مطلقًا أن يطالب رئيس الدبلوماسية في أكبر دولة عربية قدم شعبها آلاف الشهداء دفاعًا عن الحق العربي الإسلامي في فلسطين، بقرار دولي لا يدين عدوانًا صهيونيًّا وحشيًّا أودى بحياة 400 إنسان؛ ربعهم من الأطفال والمدنيِّين على الأقل.
الاحتجاجات العارمة التي سادت الشارعين العربي والإسلامي، وتوقف بعضها أمام سفارات النظام المصري، ولا نقول سفارات الشعب المصري، مردِّدةً شعارات الإدانة القوية، هي الرد على السيد أبو الغيط ورئيسه، وكل المتواطئين مع العدوان الصهيوني.
يشكِّكون بالصامدين في قطاع غزة، ويبرِّرون تقاعسهم المخجل في الاستجابة لنداءات الجرحى والثكالى بالقول إن فصائل المقاومة تنفذ "أجندات إيرانية"، فمتى كانت مقاومة الاحتلال أجندة إيرانية أو خارجية؟ ألا يخجل هؤلاء من تكرار مثل هذه التهم، وهم الذين يدركون أن المقاومة الفلسطينية انطلقت عندما كان شاه إيران يحكم طهران ويحتضن في قلبها أكبر سفارة للكيان الصهيوني؟!
المزيد :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق