نزار قباني
من قصيدة
منشورَاتٌ فِدَائيّة على جُدْرَانِ إسْرائيل
*
لن تجعلوا من شعبنا
شعبَ هنودٍ حُمرْ..
فنحنُ باقونَ هنا..
في هذه الأرضِ التي تلبسُ في معصمها
إسوارةً من زهرْ
فهذهِ بلادُنا..
فيها وُجدنا منذُ فجرِ العُمرْ
فيها لعبنا، وعشقنا، وكتبنا الشعرْ
مشرِّشونَ نحنُ في خُلجانها
مثلَ حشيشِ البحرْ..
مشرِّشونَ نحنُ في تاريخها
في خُبزها المرقوقِ، في زيتونِها
في قمحِها المُصفرّْ
مشرِّشونَ نحنُ في وجدانِها
باقونَ في آذارها
باقونَ في نيسانِها
باقونَ كالحفرِ على صُلبانِها
باقونَ في نبيّها الكريمِ، في قُرآنها..
وفي الوصايا العشرْ..
*
لا تسكروا بالنصرْ…
إذا قتلتُم خالداً.. فسوفَ يأتي عمرْو
وإن سحقتُم وردةً..
فسوفَ يبقى العِطرْ
*
من قصبِ الغاباتْ
نخرجُ كالجنِّ لكمْ.. من قصبِ الغاباتْ
من رُزمِ البريدِ، من مقاعدِ الباصاتْ
من عُلبِ الدخانِ، من صفائحِ البنزينِ، من شواهدِ الأمواتْ
من الطباشيرِ، من الألواحِ، من ضفائرِ البناتْ
من خشبِ الصُّلبانِ، ومن أوعيةِ البخّورِ، من أغطيةِ الصلاةْ
من ورقِ المصحفِ نأتيكمْ
من السطورِ والآياتْ…
فنحنُ مبثوثونَ في الريحِ، وفي الماءِ، وفي النباتْ
ونحنُ معجونونَ بالألوانِ والأصواتْ..
لن تُفلتوا.. لن تُفلتوا..
فكلُّ بيتٍ فيهِ بندقيهْ
من ضفّةِ النيلِ إلى الفراتْ
*
لن تستريحوا معنا..
كلُّ قتيلٍ عندنا
يموتُ آلافاً من المراتْ…
*
إنتبهوا.. إنتبهوا…
أعمدةُ النورِ لها أظافرْ
وللشبابيكِ عيونٌ عشرْ
والموتُ في انتظاركم في كلِّ وجهٍ عابرٍ…
أو لفتةٍ.. أو خصرْ
الموتُ مخبوءٌ لكم.. في مشطِ كلِّ امرأةٍ..
وخصلةٍ من شعرْ..
*
يا آلَ إسرائيلَ.. لا يأخذْكم الغرورْ
عقاربُ الساعاتِ إن توقّفتْ، لا بدَّ أن تدورْ..
إنَّ اغتصابَ الأرضِ لا يُخيفنا
فالريشُ قد يسقطُ عن أجنحةِ النسورْ
والعطشُ الطويلُ لا يخيفنا
فالماءُ يبقى دائماً في باطنِ الصخورْ
هزمتمُ الجيوشَ.. إلا أنكم لم تهزموا الشعورْ
قطعتم الأشجارَ من رؤوسها.. وظلّتِ الجذورْ
*
تذكروا.. تذكروا دائماً
بأنَّ أمريكا – على شأنها –
ليستْ هيَ اللهَ العزيزَ القديرْ
وأن أمريكا – على بأسها –
لن تمنعَ الطيورَ أن تطيرْ
قد تقتلُ الكبيرَ.. بارودةٌ
صغيرةٌ.. في يدِ طفلٍ صغيرْ
*
ما بيننا.. وبينكم.. لا ينتهي بعامْ
لا ينتهي بخمسةٍ.. أو عشرةٍ.. ولا بألفِ عامْ
طويلةٌ معاركُ التحريرِ كالصيامْ
ونحنُ باقونَ على صدوركمْ..
كالنقشِ في الرخامْ..
باقونَ في صوتِ المزاريبِ.. وفي أجنحةِ الحمامْ
باقونَ في ذاكرةِ الشمسِ، وفي دفاترِ الأيامْ
باقونَ في شيطنةِ الأولادِ.. في خربشةِ الأقلامْ
باقونَ في الخرائطِ الملوّنهْ
باقونَ في شعر امرئ القيس..
وفي شعر أبي تمّامْ..
باقونَ في شفاهِ من نحبّهمْ
باقونَ في مخارجِ الكلامْ..
*
موعدُنا حينَ يجيءُ المغيبْ
موعدُنا القادمُ في تل أبيبْ
"نصرٌ من اللهِ وفتحٌ قريبْ"
*
ليسَ حزيرانُ سوى يومٍ من الزمانْ
وأجملُ الورودِ ما ينبتُ في حديقةِ الأحزانْ..
.*
سوفَ يموتُ الأعورُ الدجّالْ
سوفَ يموتُ الأعورُ الدجّالْ
ونحنُ باقونَ هنا، حدائقاً، وعطرَ برتقالْ
باقونَ فيما رسمَ اللهُ على دفاترِ الجبالْ
باقونَ في معاصرِ الزيتِ.. وفي الأنوالْ
في المدِّ.. في الجزرِ.. وفي الشروقِ والزوالْ
باقونَ في مراكبِ الصيدِ، وفي الأصدافِ، والرمالْ
باقونَ في قصائدِ الحبِّ، وفي قصائدِ النضالْ
باقونَ في الشعرِ، وفي الأزجالْ
باقونَ في عطرِ المناديلِ..
في (الدَّبكةِ) و (الموَّالْ)..
في القصصِ الشعبيِّ، والأمثالْ
باقونَ في الكوفيّةِ البيضاءِ، والعقالْ
باقونَ في مروءةِ الخيلِ، وفي مروءةِ الخيَّالْ
باقونَ في (المهباجِ) والبُنِّ، وفي تحيةِ الرجالِ للرجالْ
باقونَ في معاطفِ الجنودِ، في الجراحِ، في السُّعالْ
باقونَ في سنابلِ القمحِ، وفي نسائمِ الشمالْ
باقونَ في الصليبْ..
باقونَ في الهلالْ..
في ثورةِ الطلابِ، باقونَ، وفي معاولِ العمّالْ
باقونَ في خواتمِ الخطبةِ، في أسِرَّةِ الأطفالْ
باقونَ في الدموعْ..
باقونَ في الآمالْ
*
تسعونَ مليوناً من الأعرابِ خلفَ الأفقِ غاضبونْ
با ويلكمْ من ثأرهمْ..
يومَ من القمقمِ يطلعونْ..
*
أنا الفلسطينيُّ بعد رحلةِ الضياعِ والسّرابْ
أطلعُ كالعشبِ من الخرابْ
أضيءُ كالبرقِ على وجوهكمْ
أهطلُ كالسحابْ
أطلعُ كلَّ ليلةٍ..
من فسحةِ الدارِ، ومن مقابضِ الأبوابْ
من ورقِ التوتِ، ومن شجيرةِ اللبلابْ
من بركةِ الدارِ، ومن ثرثرةِ المزرابْ
أطلعُ من صوتِ أبي..
من وجهِ أمي الطيبِ الجذّابْ
أطلعُ من كلِّ العيونِ السودِ والأهدابْ
ومن شبابيكِ الحبيباتِ، ومن رسائلِ الأحبابْ
أفتحُ بابَ منزلي.
أدخلهُ. من غيرِ أن أنتظرَ الجوابْ
لأنني أنا.. السؤالُ والجوابْ
*
محاصرونَ أنتمُ بالحقدِ والكراهيهْ
فمن هنا جيشُ أبي عبيدةٍ
ومن هنا معاويهْ
سلامُكم ممزَّقٌ..
وبيتُكم مطوَّقٌ
كبيتِ أيِّ زانيهْ..
*
نأتي بكوفيّاتنا البيضاءِ والسوداءْ
نرسمُ فوقَ جلدكمْ إشارةَ الفداءْ
من رحمِ الأيامِ نأتي كانبثاقِ الماءْ
من خيمةِ الذُّل التي يعلكُها الهواءْ
من وجعِ الحسينِ نأتي.. من أسى فاطمةَ الزهراءْ
من أُحدٍ نأتي.. ومن بدرٍ.. ومن أحزانِ كربلاءْ
نأتي لكي نصحّحَ التاريخَ والأشياءْ
ونطمسَ الحروفَ..
في الشوارعِ العبريّةِ الأسماء
منشورَاتٌ فِدَائيّة على جُدْرَانِ إسْرائيل
*
لن تجعلوا من شعبنا
شعبَ هنودٍ حُمرْ..
فنحنُ باقونَ هنا..
في هذه الأرضِ التي تلبسُ في معصمها
إسوارةً من زهرْ
فهذهِ بلادُنا..
فيها وُجدنا منذُ فجرِ العُمرْ
فيها لعبنا، وعشقنا، وكتبنا الشعرْ
مشرِّشونَ نحنُ في خُلجانها
مثلَ حشيشِ البحرْ..
مشرِّشونَ نحنُ في تاريخها
في خُبزها المرقوقِ، في زيتونِها
في قمحِها المُصفرّْ
مشرِّشونَ نحنُ في وجدانِها
باقونَ في آذارها
باقونَ في نيسانِها
باقونَ كالحفرِ على صُلبانِها
باقونَ في نبيّها الكريمِ، في قُرآنها..
وفي الوصايا العشرْ..
*
لا تسكروا بالنصرْ…
إذا قتلتُم خالداً.. فسوفَ يأتي عمرْو
وإن سحقتُم وردةً..
فسوفَ يبقى العِطرْ
*
من قصبِ الغاباتْ
نخرجُ كالجنِّ لكمْ.. من قصبِ الغاباتْ
من رُزمِ البريدِ، من مقاعدِ الباصاتْ
من عُلبِ الدخانِ، من صفائحِ البنزينِ، من شواهدِ الأمواتْ
من الطباشيرِ، من الألواحِ، من ضفائرِ البناتْ
من خشبِ الصُّلبانِ، ومن أوعيةِ البخّورِ، من أغطيةِ الصلاةْ
من ورقِ المصحفِ نأتيكمْ
من السطورِ والآياتْ…
فنحنُ مبثوثونَ في الريحِ، وفي الماءِ، وفي النباتْ
ونحنُ معجونونَ بالألوانِ والأصواتْ..
لن تُفلتوا.. لن تُفلتوا..
فكلُّ بيتٍ فيهِ بندقيهْ
من ضفّةِ النيلِ إلى الفراتْ
*
لن تستريحوا معنا..
كلُّ قتيلٍ عندنا
يموتُ آلافاً من المراتْ…
*
إنتبهوا.. إنتبهوا…
أعمدةُ النورِ لها أظافرْ
وللشبابيكِ عيونٌ عشرْ
والموتُ في انتظاركم في كلِّ وجهٍ عابرٍ…
أو لفتةٍ.. أو خصرْ
الموتُ مخبوءٌ لكم.. في مشطِ كلِّ امرأةٍ..
وخصلةٍ من شعرْ..
*
يا آلَ إسرائيلَ.. لا يأخذْكم الغرورْ
عقاربُ الساعاتِ إن توقّفتْ، لا بدَّ أن تدورْ..
إنَّ اغتصابَ الأرضِ لا يُخيفنا
فالريشُ قد يسقطُ عن أجنحةِ النسورْ
والعطشُ الطويلُ لا يخيفنا
فالماءُ يبقى دائماً في باطنِ الصخورْ
هزمتمُ الجيوشَ.. إلا أنكم لم تهزموا الشعورْ
قطعتم الأشجارَ من رؤوسها.. وظلّتِ الجذورْ
*
تذكروا.. تذكروا دائماً
بأنَّ أمريكا – على شأنها –
ليستْ هيَ اللهَ العزيزَ القديرْ
وأن أمريكا – على بأسها –
لن تمنعَ الطيورَ أن تطيرْ
قد تقتلُ الكبيرَ.. بارودةٌ
صغيرةٌ.. في يدِ طفلٍ صغيرْ
*
ما بيننا.. وبينكم.. لا ينتهي بعامْ
لا ينتهي بخمسةٍ.. أو عشرةٍ.. ولا بألفِ عامْ
طويلةٌ معاركُ التحريرِ كالصيامْ
ونحنُ باقونَ على صدوركمْ..
كالنقشِ في الرخامْ..
باقونَ في صوتِ المزاريبِ.. وفي أجنحةِ الحمامْ
باقونَ في ذاكرةِ الشمسِ، وفي دفاترِ الأيامْ
باقونَ في شيطنةِ الأولادِ.. في خربشةِ الأقلامْ
باقونَ في الخرائطِ الملوّنهْ
باقونَ في شعر امرئ القيس..
وفي شعر أبي تمّامْ..
باقونَ في شفاهِ من نحبّهمْ
باقونَ في مخارجِ الكلامْ..
*
موعدُنا حينَ يجيءُ المغيبْ
موعدُنا القادمُ في تل أبيبْ
"نصرٌ من اللهِ وفتحٌ قريبْ"
*
ليسَ حزيرانُ سوى يومٍ من الزمانْ
وأجملُ الورودِ ما ينبتُ في حديقةِ الأحزانْ..
.*
سوفَ يموتُ الأعورُ الدجّالْ
سوفَ يموتُ الأعورُ الدجّالْ
ونحنُ باقونَ هنا، حدائقاً، وعطرَ برتقالْ
باقونَ فيما رسمَ اللهُ على دفاترِ الجبالْ
باقونَ في معاصرِ الزيتِ.. وفي الأنوالْ
في المدِّ.. في الجزرِ.. وفي الشروقِ والزوالْ
باقونَ في مراكبِ الصيدِ، وفي الأصدافِ، والرمالْ
باقونَ في قصائدِ الحبِّ، وفي قصائدِ النضالْ
باقونَ في الشعرِ، وفي الأزجالْ
باقونَ في عطرِ المناديلِ..
في (الدَّبكةِ) و (الموَّالْ)..
في القصصِ الشعبيِّ، والأمثالْ
باقونَ في الكوفيّةِ البيضاءِ، والعقالْ
باقونَ في مروءةِ الخيلِ، وفي مروءةِ الخيَّالْ
باقونَ في (المهباجِ) والبُنِّ، وفي تحيةِ الرجالِ للرجالْ
باقونَ في معاطفِ الجنودِ، في الجراحِ، في السُّعالْ
باقونَ في سنابلِ القمحِ، وفي نسائمِ الشمالْ
باقونَ في الصليبْ..
باقونَ في الهلالْ..
في ثورةِ الطلابِ، باقونَ، وفي معاولِ العمّالْ
باقونَ في خواتمِ الخطبةِ، في أسِرَّةِ الأطفالْ
باقونَ في الدموعْ..
باقونَ في الآمالْ
*
تسعونَ مليوناً من الأعرابِ خلفَ الأفقِ غاضبونْ
با ويلكمْ من ثأرهمْ..
يومَ من القمقمِ يطلعونْ..
*
أنا الفلسطينيُّ بعد رحلةِ الضياعِ والسّرابْ
أطلعُ كالعشبِ من الخرابْ
أضيءُ كالبرقِ على وجوهكمْ
أهطلُ كالسحابْ
أطلعُ كلَّ ليلةٍ..
من فسحةِ الدارِ، ومن مقابضِ الأبوابْ
من ورقِ التوتِ، ومن شجيرةِ اللبلابْ
من بركةِ الدارِ، ومن ثرثرةِ المزرابْ
أطلعُ من صوتِ أبي..
من وجهِ أمي الطيبِ الجذّابْ
أطلعُ من كلِّ العيونِ السودِ والأهدابْ
ومن شبابيكِ الحبيباتِ، ومن رسائلِ الأحبابْ
أفتحُ بابَ منزلي.
أدخلهُ. من غيرِ أن أنتظرَ الجوابْ
لأنني أنا.. السؤالُ والجوابْ
*
محاصرونَ أنتمُ بالحقدِ والكراهيهْ
فمن هنا جيشُ أبي عبيدةٍ
ومن هنا معاويهْ
سلامُكم ممزَّقٌ..
وبيتُكم مطوَّقٌ
كبيتِ أيِّ زانيهْ..
*
نأتي بكوفيّاتنا البيضاءِ والسوداءْ
نرسمُ فوقَ جلدكمْ إشارةَ الفداءْ
من رحمِ الأيامِ نأتي كانبثاقِ الماءْ
من خيمةِ الذُّل التي يعلكُها الهواءْ
من وجعِ الحسينِ نأتي.. من أسى فاطمةَ الزهراءْ
من أُحدٍ نأتي.. ومن بدرٍ.. ومن أحزانِ كربلاءْ
نأتي لكي نصحّحَ التاريخَ والأشياءْ
ونطمسَ الحروفَ..
في الشوارعِ العبريّةِ الأسماء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق