السبت، 8 نوفمبر 2008

2-4
الفصل الثانى

الصهيونية المسيحية الأمريكية

كيف إنتقلت الصهيونية المسيحية الى أمريكا ؟

فى عام 1492 حدث حدثان :-
الأول : سقطت الأندلس .
الثانى : اكتشفت أمريكا .

وفى مطلع القرن السابع عشر أدى الصراع الدينى فى أوروبا الى هجرة المتهودين الجدد ( البروتستانت – المتطهرين ) الى العالم الجديد – أمريكا ، وكان المهاجرين الاوائل يسمون أبنائهم أسماء عبرانيه .


تعتقد" الصهيونية المسيحية" أن ثلاث إشارات يجب أن تسبق عودة المسيح :
الإشارة الأولى هى قيام إسرائيل وقد قامت إسرائيل فى العام 1948م . ولذلك إعتبر الصهيونيون المسيحيون فى الولايات المتحدة هذا الحدث أعظم حدث فى التاريخ لأنه جاء مصدقاً للنبوءة الدينية .
الإشارة الثانية هى احتلال مدينة القدس ولقد احتلت إسرائيل القدس فى العام 1967 التى ينظر الانجيليون من الصهيونيين المسيحيين على أنها المدينة التى سيمارس المسيح حكم العالم منها بعد قدومه الثانى المنتظر . ولذلك تضغط الكنائس الصهيونية المسيحية فى الولايات المتحدة من أجل الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل . ولقد تجاوب مجلسا الشيوخ والنواب مع هذه الضغوط فى إبريل – نيسان 1990 .

الإشارة الثالثة هى إعادة بناء هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى . ولقد وضعت خريطة الهيكل الجديد ، فيما تتواصل الحفريات تحت المسجد بحجة البحث عن آثار يهودية مطمورة .
أما الأموال اللازمة فقد جمع معظمها وأودع فى حساب خاص باسم مشروع بناء الهيكل .
بعد اكتمال المشروع ، ستقع "هرمجدون" التى يظهر المسيح فوقها مباشرة وسيرفع إليه بالجسد المؤمنين به ليحكم العالم من القدس مدة ألف عام تقوم بعدها القيامة .
ويوجد فى الولايات المتحدة حوالى 76.75 مليون بروتستنتى ،
يكونون 200 طائفة .
أكثر هذه الطوائف مغالاة فى تبنى العقيدة الصهيونية هى" الطائفة التدبيرية"

"Indispensationalism "التى يبلغ عدد أتباع كنائسها المختلفة 40 مليون تقريباً . وتعرف هذه الكنائس باسم كنائس


" الأنكلوساكسون البروتستانت البيض "- White Anglo – Saxon Protestant - ويرمز لها إختصارا (WASP)وهى تضم الشخصيات الأبرز فى المجتمع الامريكى سياسيا واقتصاديا وتربويا وإعلاميا وعسكريا ، ومنذ عام 1814 بدأت الدعوة لتوطين اليهود فى فلسطين وخرجت من "الكنائس البروتستانية" .

اتخذت هذه الكنائس من الأجهزة الإعلامية العامة بكل ما تتمتع به هذه الأجهزة من تقنية وسعة انتشار ، منابر لها للوعظ الدينى وللإرشاد السياسى . وبلغ تأثيرها على صناعة القرار السياسى الأمريكى تجاه القضية الفلسطينية و الصراع العربى – الصهيونى حد المشاركة فى صنع القرار ، وتوجيه السياسة الأميريكية وفق النبوءات الدينية التى تقول بعودة اليهود إلى فلسطين ، وقيام صهيون ، ومن ثم ظهور المسيح .

التحركات السياسية.
تلى ذلك وكان نتيجة له ظهور" اللوبى الصهيونى" فى الولايات المتحدة وكان هدفه إقامة وطن يهودى فى فلسطين .
ثم تلاقت المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة مع أهداف الصهيونية المسيحية من خلال تحويل هجرة اليهود الى فلسطين و توطينهم فيها ، ترجم هذا فيما بعد بموافقة البيت الأبيض والكونجرس على"وعد بلفور"
لم يقتصر نشاط الصهيونية المسيحية الامريكية على مجرد تأييد "وعد بلفور" بل تجاوز الى :
1. حث اليهود على التجاوب مع نداء العودة .
2. الضغط على السلطان العثمانى لقبول توطين اليهود فى فلسطين .
3. تكوين المنظمات والهيئات الشعبية والدينية لتوفير الدعم المعنوى والمادى من اجل تحقيق الهدف الملعن وهو توطين اليهود فى فلسطين .
هذه المنظمات رفعت شعار" الأرض الموعودة" ، وشعار" الشعب المختار" وربطت بين الشعارين ، وروجت لأن أفضل عمل يقوم به المسيحى تقربا وزلفى الى الله ، هو المساهمة المادية والمعنوية فى تحقيق إرادة الله ، بإعادة اليهود الى فلسطين ، تمهيداً لعودة المسيح .
والكونجرس الامريكى ، تبنياً منه لقرار المؤتمر الصهيونى الذى عقد فى نيويورك فى العام 1942 ، اتخذ فى العام 1944 قراراً
"تتعهد الولايات المتحدة بموجب " القرار" بذل قصارى جهدها من أجل فتح أبواب فاسطين أما اليهود للدخول اليها بحرية ولاتاحة الفرصة أمامهم لاستعمارها ، حتى يتمكن الشعب اليهودى من إعادة تكوين فلسطين يهودية ديمقراطية حرة" .

رؤساء أمريكا والصهيونية المسيحية:

رؤساء أمريكا هم أكبر تجسيد لسطوة الصهيونية المسيحية فى الولايات المتحدة .

فمنذ الرئيس"جيفرسون" الذى أقترح أتخاذ رمز لأمريكا يمثل أبناء إسرئيل تظللهم غيمه فى النهار وعمود من نور فى الليل كما ذكر فى سفر الخروج .

الى "ولسون" الذى فى عهده التزمت أمريكا بوعد بلفور ، حتى أصبح هذا الالتزام من ثوابت كل الرؤساء الذين جاءوا بعده .

الى " روزفلت " الذى ضغط على بريطانيا للتراجع عام 1939 عن النص على تحديد "الهجرة اليهودية"الى فلسطين ، وطالب بعدم تحديد الهجرة .
الى" ترومان" الذى يعتبر الأكثر تبريرا للصهيونية المسيحية الأمريكية فى العصر الحديث . . لقد حث ترومان رئيس وزراء بريطانيا اتلى فى 31/8/1947 على السماح لمئة ألف يهودى بالهجرة إلى فلسطين وذلك لتأمين أغلبية اليهود فى فلسطين فى ظل الانتداب البريطانى تمهيدًا لتحويل فلسطين إلى دولة يهودية بعد إنهاء فترة الانتداب البريطانى.
الى " كارتر " الذى قال : " جسد من سبق من الرؤساء الأمريكين الإيمان بأن جعلوا علاقات الويلات المتحدة مع إسرئيل هى أكثر من علاقات خاصة . إنها علاقات فريدة لأنها متأصلة فى ضمير وفى أخلاق وفى دين وفى معتقدات الشعب الأمريكى نفسه . لقد أقام كلا من إسرئيل والولايات المتحدة الأمريكية ، مهاجرون ورواد ، ثم إننا نتقاسم معكم تراث التوراة "

يمثل الرئيس السابق " رونالد ريجان " محطة بارزة فى هذا الطريق من المفيد الوقوف عندها بتفحص دقيق . عندما كان ريجان حاكماً لولاية كاليفورنيا كان من أتباع ومن دعاة الصهيونية المسيحية . وبقى على إيمانه هذا بعد انتخابه رئيساً للولايات المتحدة فى العام 1980 ، وبعد التجديد له ولاية ثانية فى العام 1984 ، وكان إيمانه يحمله على التمسك بإيدولوجية معركة هرمجدون .

قال ريجان : إن جميع النبوءات التى يجب أن تتحق قبل" هرمجدون " قد مرت ، ففى الفصل 38 من" حزقيال "-أن الله سيأخذ أولاد إسرائيل من بين الوثنيين حيث سيكونون مشتتين ويعودون جميعهم مرة ثانية إلى الأرض الموعودة . لقد تحقق ذلك أخيراً بعد ألفى سنة ، ولأول مرة يبدو كل شىء فى مكانه بانتظار معركة "هرمجدون" والعودة الثانية للمسيح .
ريجان يدرك تماما أهداف الله فى الشرق الأوسط . عندما كان ريجان مرشحا للرئاسة فى عام 1980 كان يواصل الحديث عن" هرمجدون" ، وقد قال ريجان ( وهو مرشح للرئاسة ) للإنجيلى جيم بيكر فى مقابلة تلفزيونية أجراها معه : " إننا قد نكون الجيل الذى سيشهد هرمجدون ".
يقول المؤلف الإنجيلى دوج ويد Doug Wead ، إنه سمع ريجان يردد مراراً : "إن نهاية العالم قد تكون فى متناول يدنا " . إننا ربما نكون الجيل الذى يحقق "هرمجدون" . وفى نفس العام 1980 أعطى ريجان مرشح الرئاسة مثلاً آخر ما نقله معلق صحيفة نيويورك تايمز وليم سافر Willam Safire كان ريجان يخطب فى مجموعة من القادة اليهود عندما قال " إسرائيل هى الديمقراطية الثابتة الوحيدة التى يمكن أن نعتمد عليها كموقع لحدوث هرمجدون " .
وكتاب ميلز فى تلك المقالة التى نشرتها مجلة سان يجو San Diego أن ريجان كرئيس للولايات المتحدة أظهر بصورة دائمة التزامه القيام بواجباته تماشيا مع إرادة الله ، وذلك كأى مؤمن آخر يحتل منصبا عاليا . وقال ميلز فى المقال : إن ريجان كان يشعر بهذا الالتزام بصورة أخص وهو يعمل على بناء القدرة العسكرية للولايات المتحدة ولحلفائها وقال : " صحيح أن حزقيال تنبأ بانتصار جيوش إسرائيل وحلفائها فى المعركة الرهيبة ضد قوى الظلام ، ومع ذلك فإن المسيحيين المحافظين مثل رئيسنا لا يسمح لهم التطرف الروحى بأن يأخذوا هذا الانتصار كمسلمات . إن تقوية قوى الحق لتربح هذا الصراع المهم هو فى عيون هؤلاء الرجال عمل يحقق نبوءة الله انسجاما مع إرادته السامية وذلك حتى يعود المسيح مرة ثانية ليحكم الأرض ألف سنة ".

قيام إسرئيل والدعم الأمريكى

إعترف " ترومان " فعليا بإسرائيل 14/5/1948 وحتى قبل أن تطلب منه الحكومة الإسرائيلية ذلك بشكل رسمى .
لم يكد يصدر الإعلان الرسمى بقيام إسرائيل عام 1984 ، حتى بادرت الولايات المتحدة الى تقديم منحة قدرها مليون دولار بالإضافة الى قرض تحول الى منحة بقيمة 35 مليون دولار ثم توالت المساعدات الأمريكية لإسرائيل ، وتضاعفت الى جانب هذا فرض حظر أمريكى على بيع الأسلحة للعرب ، ثم جرت محاولات للضغط على الدول العربية من أجل رفع المقاطعة والاعتراف بإسرائيل والتفاوض معها والتعايش معها وفق الشروط الإسرائيلية للتسوية .

ليست هناك تعليقات: