السبت، 1 نوفمبر 2008

1 من 4
بسم الله الرحمن الرحيم

عرض كتاب / الأصولية الأنجيلية أو الصهييونية المسيحية والموقف الأمريكى .
المؤلف / محمد السماك .
سنة التأليف / 1990 .
الناشر / مركز دراسات العالم الاسلامى
يحتوى الكتاب على:
مدخل
سبعة فصول
1. الصهيونية المسيحية الأروبية .
2. الصهيونية المسيحية الأمريكية .
3. الصهيونية المسيحية بوابة أمريكا الى الوطن العربى .
4. الصهيونية المسيحية والأسلام .
5. مؤسسات الصهيونية المسيحية .
6. مؤسسات الصهيونية والقانون الدولى .
7. فى مواجهة الصهيونية المسيحية

الفصل الأول
الصهيونية المسيحية الأروبية
تعربف : الصهيونية المسيحية :
هى تسخير الأعتقاد الدينى المسيحى لتحقيق مكاسب يهودية أى تهويد العقيدة المسيحية ويدور ذلك حول ثلاثة مفاهيم :
الأول
: الاعتقاد بأن اليهود هم شعب الله المختار وأنهم يكونون بذلك الأمة المفضلة على كل الأمم .
الثانى : هو أن ثمة ميثاق الهى يربط اليهود بالأرض المقدسة فى فلسطين وأن هذا الميثاق الذى أعطاه الله لابراهيم عليه السلام هو ميثاق سرمدى حتى قيام الساعة .
الثالث : هو ربط الايمان الميسيحى- بعودة المسيح - بقيام دولة صهيونية أى بإعادة تجميع اليهود فى فلسطين حتى يظهر المسيح فيهم .
أما الاعتقاد المسيحى الأصلى والذى يمثله الكنيسة الكاثوليكية هو أن :
1. ما يسمى بالأمة اليهودية قد انتهى .
2. ان الله قد طرد اليهود من فلسطين عقاب لهم على صلب المسيح
3. ان النبؤات التى تتحدث عن العودة ، تشير الى العودة من بابل وتلك قد تمت بالفعل على يد الامبراطور الفارسى " قورش " .
4. أن فلسطين هى أ رث المسيح للمسيحين .
تم هذا الاختراق للعقيدة المسيحية من خلال :-
حركة الا
صلاح الدينى فى أروبا فى القرن السادس عشر الميلادى وكان رائدها " مارثن لوثر - 1525 "
انتهت حركة الاصلاح الدينى الى " المذهب البروتستنتى " اولا وبعد ذلك من خلال " الحركة التطهيرية البوريتانيه " " بوريتانينس "
وكنتيجة لهذا التحول اصبح عند البروتستانت :
1. العهد القديم " التوراه" : المرجع الأعلى لفهم العقيدة المسيحية .
2. اللغة العبرية : هى اللغة المعتمدة للدراسة الدينية.

انتشار حركة الاصلاح ووصولها بريطانيا


انتشرت بعد ذلك حركة الاصلاح الدينى بعد الحرب الدينية بين " الكاثوليكية الأسبانية " و " البروتستنيه الألمانية " فى عام 1565 وانتهت بهزيمة القوات الكاثوليكية ، ادى ذلك الى انتشار تيار المسيحية الصهيونية فى أرووبا حتى وصلت الى بريطانيا وتمركزت فيها ، وذلك يد عالم الاهوت اليهودى البريطانى " توماس برايتمان 1562 – 1607 " الذى دعا لأول مرة بعودة اليهود الى فلسطين ليعبدوه من هناك ، حيث يفضل الله أن تتم عبادته على أى مكان أخر.
هذه المعتقدات الدينية المسيحية أصبحت جزء من عقيدة الكنيسة البروتستنتنية الجديدة ، ومن خلالها تحولت الى قاعدة عامة للتربية الدينية ، خرجت اتباع لها ومؤمنين بها من رجال السياسة والادب والفكر .
وشهدت المرحلة البيوريتانية فى القرن السابع عشر العصر الذهبى بعد تراجعها الكبير فى " العهد الاليزبيثى " لدرجة أن مجموعة بيوريتانيه طالبت الحكومة البريطانية بأن تعلن التوراه دستور لبريطانيا .!!

دور بريطانيا فى القرن التاسع عشر

ومن اجل تأصيل أفكار الحركة الصهيونية المسيحية وتعميمها فى جميع شرائح المجتمع ، كان لابد من بناء هيكل أدبى فوق قواعدها الفكرية ، فظهرت أعمال أدبية وشعرية كثيرة تعبر عن ذلك الافكار ، وانتشرت حتى أصبحت جزء لا يتجزأ من القناعات التى تفرض نفسها فى عملية اتخاذ القرار السياسى فى الدوائر الحكومية فى كل الدول الأوروبية .
وكان من نتائج ذلك : ان وجه من هولندا عالما اللاهوت البيوريتانين الأنجليزيان " جوانا و ألينزركارترايت " مذكرة الى الحكومة البريطانية طالبا فيها :
" بأن يكون لشعب الأرض المنخفضة - هولندا - شرف حمل أولاد وبنات إسرئيل على متن سفنهم إلى الأرض التى وعد الله بها أجدادهم إبراهيم وإسحق ويعقوب ومنحهم إياها إرثاً أبدا" .
تكمن أهمية هذه المذكرة فى أمرين :
الأمر الأول : أنها تعبر عن مدى التحول من النظرة الى فلسطين ( والقدس ) من كونها أرض المسيح المقدسة - التى قامت الحروب الصلبية بحجتها - إلى كونها وطناً لليهود .
الأمر الثانى : أنها كانت أول تعبير عن التحول من الايمان بأن عودة المسيح تحتم أن تسبقها عودة اليهود الى فلسطين وأن العودتين لن تتحققا إلا بتدخل إلهى ، إلى الإيمان بأن هاتين العودتين ( عودة اليهود وعودة المسيح ) يمكن أن تتحققا بعمل البشر .
كان " أوليفر كرومويل " أول أهم سياسى بريطانى يتبنى مضمون هذه المذكرة ، ذلك أنه كان على مدى عشر سنوات ( 1649 – 1658 ) رئيسا للمحفل البيوريتانى . وهو الذى دعا الى عقد مؤتمر 1655 فى الهوايت هول للتشريع لعودة اليهود الى بريطانيا ( اى إلغاء قانون النفى الذى إتخذه الملك إدوارد ) .
حضر المؤتمر إلى جانب كرومويل العالم اليهودى " مناسح بن إسرائيل " الذى ربط الصهيونية المسيحية بالمصالح الإستراتيجية لبريطانيا ، ومن خلال عملية الربط تلك تحمس كرومويل لمشروع التوطين اليهودى فى فلسطين منذ ذلك الوقت المبكر .
إعتمد هذا الربط فيما بعد ، حاييم وايزمان مع لويد جورج بعد عشرة أجيال.


ان توظيف الدافع الدينى لتحقيق مكاسب سياسية ذات بعد أستراتيجى أسس القاعدة الثابتة للصهيونية المسيحية أولا فى بريطانيا وأوروبا ثم بعد ذالك فى الولايات المتحدة.
وفى العام ( 1839 ) نشر اللورد " شافتسبرى " مقال طالب فيه بعودة اليهود الى فلسطين ويرفع لأول مرة شعار " وطن بلا شعب لشعب بلا وطن "
تبنى وزير خارجية بريطانيا اللورد
" بالمرستون " مشروع اللورد
" شافتسبرى " وذلك لتحقيق مصالح بريطانيا الاستراتيجية فى الشرق الأوسط ، حيث كان يبحث عن أقلية ما تدعى بريطانيا حمايتها فى الشرق الأوسط وكانت ضالته المنشودة فى اليهود .
وهكذا انشاء اللورد " بالمرستون " أول قنصلية بريطانية فى القدس وعين صهيونيا مسيحيا ليكون أول نائبا لقنصل بريطانيا فى القدس .

تلقى " بالمرستون " مذكرة من وزير البحرية البريطانية
" هنرى انسى " يدعو فيها دول أوروبا الشمالية لتنفيذ ارادة الله بعودة اليهود الى فلسطين.
روج " بالمرستون " لهذه المذكرة فى الصحافة البريطانية ، وتم نشرها وعلق عليها لمدة عام كامل ، وبذلك أوجد " بالمرستون " أرضية – ملكية – برلمانية – حزبية – شعبية لمشروع التوطين .
وكان لابد من تشجيع هجرة اليهود الى فلسطين التى لم تكن سهلة أول الأمر ، ذلك لأن الصهيونية اليهودية لم تكن قد ولدت بعد .
فلجأ " بالمرستون " الى يهود أروبا الشرقية مستغلا معاناة اليهود فى روسيا ورومانيا من الاضطهاد .
ولتسهيل الهجرة كان " بالمرستون " يحث السفير البريطانى فى القسطنطينية على اقناع السلطان العثمانى بقبول هذه الهجرة ، وظهرت مشاريع سياسية عديدة فى تلك الفترة لاقامة دولة يهودية فى فلسطين .
فى عام 1841 ظهرت أول دعوة تحريض من الصهيونية الميسحية لقيام الصهيونية اليهودية ، وكان ذلك أول تحريض للعمل على تجميع القوى الأوروبية وراء مشروع الاستيطان اليهودى فى فلسطين .
بدأ التمهيد للاستيطان من خلال بعثات الاستكشاف الى فلسطين التى كان يمولها منذ العام 1865 ( صندوق اكتشاف فلسطين ) .
من أجل ذلك عمد رئيس الوزراء البريطانى " اللورد بيكو " ووزير الخارجية " اللورد سالزبرى " للضغط على السلطان العثمانى من أجل الحصول على موافقته على توطين اليهود فى فلسطين .
ومع تدفق يهود أوروبا الشرقية الى بريطانيا والولايات المتحدة ، خاف المسئولون البريطانيون من الانعكاسات السلبية لهذه الهجرة على الاقتصاد البريطانى ، فتم تبنى المشروع الصهيونى لتوطين
اليهود فى فلسطين .
وتم اللقاء بين " تشمبيرلين " وزير الخارجية البريطانى مع "هرتزل " فى لندن وهو اللقاء الذى يعبر عن تلاقى مصالح " الصهيونية المسيحية " مع " الصهيونية اليهودية " فى تطلعها الى أهداف مشتركة ، ومهد هذا اللقاء للقاء الذى سيتم عام 1914 بين" آثر بلفور " و " حالييم وايزمان " .
كان بلفور اول مسئول بريطانى يمنح اليهود أرضا ( أوغندا ) لإقامة دولتهم عليها . غير أن المؤتمر الصهيونى الرابع الذى عقد فى العام 1903 ، رفض هذا العرض تمسكا منه بأرض فلسطين .
إستجاب بلفور للطلب الصهيونى بسرعة وبسهولة حتى إنه أعد مذكرة حول موضوع الإستيطان اليهودى فى فلسطين قال فيها :
( ليس فى نيتنا حتى مراعاة مشاعر سكان فلسطين الحاليين ، مع أن اللجنة الأمريكية تحاول أستقصائها . إن القوى الأربع الكبرى ملتزمة بالصهيونية . وسواء ان كانت الصهيونية على حق أم على باطل ، جيدة أم سيئة ، فانها متأصلة الجذور فى التقاليد القديمة العهد والحاجات الحالية ، وأمال المستقبل ، وهى ذات أهمية تفوق بكثير رغبات وميول السبعماية ألف عربى الذين يسكنون الأن هذه الأرض القديمة )
المصالح البريطانية المشتركة إقتضت فرض الانتداب البريطانى على فلسطين تمهيدا للوقت المناسب الذى يتمكن فيه اليهود من إعلان الدولة .
وهكذاصدر فى 2/11/1917 وعد بلفور الشهير ، وأقر الوعد مؤتمر " سان ريمو " فى عام 1920 ، وأقرته عصبة الأمم عام 1922 حين منحت حق الانتداب رسمياً لبريطانيا ، قبل ذلك كله حرصت اتفاقية"سايكس بيكو " التى قسمت الامبراطورية العثمانية بين بريطانيا وفرنسا وروسيا . أن تضع فلسطين وحدها دون سائر أجزاء الوطن العربى تحت ادارة دولية .
أنكر وعد بلفور وجود الشعب الفلسطنيى ولم يذكر كلمة العرب بل أشار الى ما سماه جاليات غير يهودية موجودة فى فلسطين ، كان عدد اليهود يبلغ 7% ( 55 ألف ) من السكان البالغ عددهم ( 700 ألف ) 92% مسلمين والباقى من المسيحين .

بعد ذلك عينت بريطانيا يهوديا لشغل منصب المندوب السامى فى فلسطين . كان " هيربرت صموئيل " أول يهودى يحكم فلسطين منذ الفى عام . وكان هذفه أن يستوطن فلسطين أربعة أو خمسة ملايين يهودى . ولتنفيذ ذلك كانت الأراضى العربية تصادر من أصحابها وتحول الى مستوطنات لليهود . وفى إحدى الحالات أجلى 8 ألاف عربى عن أرض مساحتها 50 ألف هكتار ، ودفع لكل منهما ثلاثة جنيهات وعشر شلنات كتعويض .
وبدعم من صموئيل تحولت الوكالة اليهودية التى كانت مهمتها بموجب نظام الانتداب إرشاد المستوطنين اليهود اجتماعيا واقتصاديا ، الى دولة داخل الدولة . نتيجة لذلك كله تضاعف عدد اليهود فى فلسطين ووصل الى 17% من السكان ( 170 ألفا ). وعندما قاوم العرب الهجرة والاستيطان ومصادرة الأراضى وتواطؤ المندوب السامى ، كون اليهود المنظمات الأرهابية " شترن " و " أرغون " وهى المنظمات التى تحولت الى النواة الاولى للجيش الإسرائيلى فى العام 1948 ، وما بعده ...

ليست هناك تعليقات: